مولد النبي ؟ الولي ؟ العظيم ؟ الشخصية العامة ؟ ما هذا ؟!
من المعروف بين عامة الناس في هذا العصر أن مولد العظماء أو وفاتهم يحتاج لوقفة تذكيرية ..
الهدف من هذه الوقفة هو النظر في حياة هذا الشخص .. من ثلاثة زوايا :
كيف بدأت .. ؟
و ما هي أحداث حياته الأساسية .. ؟
ثم كيف انتهت .. ؟
جدير بالذكر و مع أن ذكرى هذا العظيم لابد أن تكون على الدوام حتى ينتفع الناس به كقدوة .. لكن هذا لا يمنع من أنه لابد من وجود وقفات مركزة في أوقات معينة حتى يكون لهذه المعاني قيمة مجتمعية و تأثير قوي ..
من هو الشخص العظيم ؟
الشخص العظيم؛ هو الذي يكون له تأثير في حياة مجتمعه .. و هذا التأثير له وقع إيجابي يمتد و يستمر فترة من الزمن ..
وهذا يؤدي إلى أنه كلما زاد زمن هذا الوقع الإيجابي ؛ كلما زادت عظمة هذا الشخص..
محمد -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-
هو اسم لهذا الشخص الذي هو إنسان من بني آدم .. يأكل و يشرب .. ينام و يستيقظ .. يسير في السوق .. له أسرة .. يهتم بها و يحرص عليها .. يعمل على توفير مستلزمات حياته و حياة أسرته ..
هذا الكلام حقيقي .. فعلا .. بشر مثلنا !
نلاحظ قول الله سبحانه وتعالى {( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ … )} [ الكهف : ١١٠ ]
لكن ما الذي جعله عظيم ؟
مولد النبي … كيف بدأت حياته؟
جنين لم تجد أمه من آلام الحمل والولادة ما تجده باقي النساء.. [ الطبقات الكبرى لابن سعد ]
لما وُلِد .. وُلِد نجم خاص به .. نجم أحمد .. كعلامة للكون على ميلاده .. و منه عرف اليهود أنه قد ولد في تلك الليلة .. [ السيرة النبوية لابن هشام ]
إذن .. من بداية حياته نتعلم الآتي:
١- الإنسان العظيم هو من يبدأ علاقته مع غيره بالمرونة .. حينما يهل على غيره لا يكون عبئا عليهم ..
٢- الإنسان العظيم هو الذي يحدث تغييرا ملحوظا بمجرد دخوله على غيره .. لا يكون إمَّعَة .. يكون له علامة مميزة يعرفه بها الناس .. علامة تدل على أنه حاضر و مؤثر ..
ما بعد مولد النبي .. ما هي أحداث حياته الأساسية .. ؟
في صباه:
على الرغم من أنه فقد أبًا يرعاه قبل أن يولد .. إلا أنه وجد العناية ممن حوله بما يفوق عناية الأب ..
رضاعته:
فوجد ذلك عند مرضعته حليمة السعدية ، والتي كان وجود هذا الصبي عندها له من أثر البركة ما له ..
امتلأ ثديها باللبن ، فارتوى منه رسول الله ـ صلى الله عليه و آله و سلم ـ وابنها بعد أن كان يبكي من الجوع لجفاف ثدي أمه ، ولا ينام هو وأهله .
وامتلأ ضرع ماشيتها باللبن بعد أن كانت يابسة.
وأصبحت راحلتها نشطة قوية تسير في مقدمة الركب ، بعد أن كانت عاجزة تسير في مؤخرة الركبان.
وحيثما حلت أغنام حليمة تجد مرعاً خًصْباً فتشبع ، ولا تجد أغنام غيرها شيئا.
من هنا، نحصل على الفائدة الآتية :
٣- الإنسان العظيم.. هو الذي يكون مصدر للخيرات .. و ليس مستهلكا لها فقط ..
كفالته:
كفله جده عبدالمطلب ثم من بعده عمه أبو طالب.
مما يميز هذه الفترة أن كلاهما كانا يحبان صحبته معهما في مجالسهما الخاصة و العامة .. نتيجة لذلك جعلا منه مُطَّلِعًا على أحداث قومه .. و عنده خبرة في مجال مجالس الحكماء ..
نضح ذلك و اتضح حينما كبر .. و صار شابا .. ثم اختلف قومه على الحجر الأسود .. أي عائلة تنال شرف وضعه في مكانه ؟؟!!
هذا الخلاف الذي كاد أن يسبب حربا بين العشائر ..
هذا الذي بالأمس كان صبيا .. حَكَّمَه هؤلاء في معضلتهم .. فكان الحُكْم المعتدل المناسب لجميع الأطراف.. والذي جعل من كل العائلات تضع الحجر مرة واحدة في نفس الوقت!!
نتيجة لذلك نخلص إلى أن:
٤- الشخص العظيم… هو من يساهم من يرعاه في ذلك .. عن طريق تعريضه لمواقف و مشاهد تطور من شخصيته و تضيف لها ..
فلا يتعامل الراعي مع طفله على أساس أنه لا يفهم شئ ..
لا يتعامل معه على أساس أنه غدا سيكبر و يفهم .. أما الآن فليس مهما أن يفهم أو حتى يتعرض لما قد يجعله يفهم بعد ذلك .. هذا الأساس العقيم الذي جعل كثير من الأجيال الجديدة عبارة عن مجموعة من السذج!!!
إنما يتعامل معه على أساس أنه غدا سيكبر و يفهم… والآن فرصة لتقوية هذا الفهم والتهيئة له عن طريق استراتيجيات لتطوير شخصية هذا الطفل ..
وهذا فرق جوهري بين أجيال العزة .. و أجيال السذج..
و قد قرأت من قبل مقولة قمة في الروعة :
” قديما ؛ كانت الأم ترضع الإبن ليتغذى و يكون عنصرا فعالا في قبيلته أو مجتمعه .. فنتج عن ذلك أجيال مليئة بالعزة و الكرامه و الكفاح .. أجيال يَقِظَة…
لكن الان الأم ترضع الإبن فقط لينام حتى يهدأ الجو من ضوضاء هذا الطفل .. فنتج عن ذلك أجيال نائمة !! ”
قديما .. كانت أجيال فيها (معاذ بن عمرو بن الجموح) و (معاذ بن عفراء) !
حديثا .. أجيال فيها (راجح) و (طفل المرور) !!
بعد أن تحدثنا عن مرحلة الولادة و الرضاعة والصبا ؛ ماذا عن بقية مراحل حياة هذا الرجل العظيم الذي ينتصر له كل كبير و صغير من محبيه مهما كان مستوى تدينهم ؟
هذا ما سنعرفه في مقالٍ آتٍ.
جزاكم الله جزاء الصابرين .. و الحمد لله رب العالمين
تتبع….
********
لا تتردد في نشر هذا المحتوى إن كنت تظن أنه قد يفيد من حولك ..
ولا تتردد كذلك بمتابعة الصفحة على الفيسبوك عن طريق :
الدخول إليها و الإعجاب بها …
حتى تأتيك إشعارات بالمقالات الجديدة
********