تقارير المخابرات الإلهية2 دقيقة للقراءة

أي مؤسسة ناجحة تهتم جدا بالتقارير… فما بالك بمؤسسة الحياة... ما هي المخابرات الإلهية؟ وما هي التقارير التي تكتبها؟ وماذا نفعل تجاه ذلك؟
الدال على الخير كفاعله:

فيديو

صوت

فقه التقارير

إذا كنت في مؤسسة محترمة؛ تجد أن من أساسيات هذه المؤسسة هو ما يسمى بالتقارير.

أي مؤسسة ناجحة تهتم جدا بالتقارير…

ما هو التقرير؟

هو عبارة عن ملخص لحالة المؤسسة بالنسبة لموضوع معين … وهل هذه الحالة ستساهم في الوصول للهدف النهائي المطلوب في نهاية السنة أم لما… 

ثم إذا كان الوضع طيبا؛  ما هي الخطة التي تساعد على استمرار الوضع او تطويره؟

وإذا كان الوضع سيئا؛ ما هي الخطة البديلة التي تساعد على تحسين الوضع؟

وكلما كانت المؤسسة محترمة أكثر؛ كلما كانت التقارير على فترات أقرب، ليتم متابعة كل الأمور عن كثب وبالتالي عدم السقوط في فخ المفاجآت غير المخطط لها…

مؤسسة الحياة

في مؤسسة الحياة إن صح التعبير؛ تجد أن الله سبحانه وتعالي قائم على كل شيء عن طريق تسخير جنود له سبحانه لعبادته بمتابعة هذه الأشياء…

فكل خلق له سبحانه له ملائكة يعبدون الله بمتابعة هذا النوع من الخلق

فالنبات؛ له ملائكة مسئولة عن متابعته والقيام بأمره بإذن الله…

عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: (( ليس من خلق الله أكثر من الملائكة، ما من شيء ينبت إلا وملك موكل به )). [الحبائك في أخبار الملائك للسيوطي]

والرياح؛

(( فلما أراد الله تعالى أن يهلك عاد أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحا تهلكهم، قال: يا رب، أرسل عليهم قدر منخر الثور، قال له الجبار تبارك وتعالى؛ إذا تكفأ الأرض وما عليها، ولكن أرسل عليهم بقدر خاتم )) [الدر المنثور للسيوطي]

والجبال؛

فعن عائشة رضي الله عنها قالت للنبي – صلى الله عليه وسلم -: هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد؟ قال: (( لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، وإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل – عليه السلام – فناداني فقال: إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال، فسلم علي ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك لتأمرني بأمرك، فما شئت: إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين، فقال: النبي – صلى الله عليه وسلم -: (( بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا )). [متفق عليه]

وهكذا …

وكل هذه المتابعات تترجم على هيئة تقارير ترفع لله سبحانه وتعالى بصفة دورية وهم أعلم بها …

من هذه المخلوقات أيضا هم:

البشر؛

وهؤلاء البشر بالفعل كسائر المخلوقات لهم ملائكة مسئولة عن متابعتهم والقيام بأمرهم بإذن الله…

وأيضا كذلك هناك تقارير ترفع بصفة دورية عن هؤلاء البشر لله سبحانه وتعالى وهو أعلم بهم…

أنواع التقارير الإلهية

تقارير لحظية

مسئول عنها الملائكة الكتبة في كل لحظة من لحظات الإنسان.

قال تعالى: {( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )} [ق:18]

فقال تعالى: {( أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون * أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون )} [الزخرف:7980]

يعني أن هناك تقرير عن كل نظرة، حرف، كلمة، أو حتى نفس يخرج من الإنسان. 

تقارير يومية

مسئول عنها الملائكة المتعاقبة – المتوافدة – في كل صلاة فجر و صلاة عصر.

فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم ربهم – وهو أعلم بهم – كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون )). [متفق عليه].

نزلت الملائكة في الفجر لقيت طه نائم….

إذن في التقرير: أتيناه وهو نائم.. 

قبل أن تصعد هذه الملائكة في صلاة العصر؛ وجدت طه يشاهد أخبار المشاهير…

إذن في التقرير: وتركناه وهو يشاهد أخبار المشاهير…. 

في نفس اللحظة نزلت ملائكة جديدة في صلاة العصر؛ وجدت طه انتقل الى متابعة أحدث التريندات العالمية …

إذن في التقرير: أتيناه وهو يتابع أحدث التريندات العالمية….

وقبل أن تعرج هذه الملائكة إلى ربها في صلاة الفجر؛ تنظر إلى طه فتجده في هذه اللحظة يتوضأ…

إذن في التقرير: وتركناه وهو يتوضأ…

وهكذا…

تقارير أسبوعية

في كل يوم إثنين وخميس من كل أسبوع.

(( تعرض الأعمال في كل اثنين وخميس، فيغفر الله لكل امرئ لا يشرك بالله شيئا، إلا امرءا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقول: اتركوا هذين حتى يصطلحا )). [مسلم]

إذن يوم الإثنين قد يكون مكتوبا في التقرير عملك يوم الخميس ويوم الجمعة ويوم السبت ويوم الأحد…

ويوم الخميس قد يكون مكتوبا في التقرير عملك يوم الإثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء..

وهكذا…

تقارير سنوية

في شهر شعبان من كل عام.

 ففي حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه عندما قال:

يا رسول الله ! لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان ؟ ! قالَ : (( ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم. )) [النسائي:2357]

إذن شهر شعبان يكون فيه تقرير كامل عن عملك طوال العام من شعبان الماضي إلى شعبان الحاضر…

وهكذا…

عجبا لمن يخشى من المخابرات البشرية؛ ولا يهتم بالمخابرات الإلهية!

ان كان المسؤول عن المخابرات البشرية قادر على أن يذهب بك آخر الدنيا؛ المسؤول عن المخابرات الإلهية قادر على أن يذهب بالدنيا كلها…

 {( كل شيء هالك إلا وجهه )} [القصص:88

(( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه ۚ سبحانه وتعالى عما يشركون )) [الزمر:67]

هذه ليست دعوة لتجاهل تعليمات المخابرات الدنيوية بأي حال من الأحوال… إنما دعوة للإلتزام بالتعاليم الإلهية ولو بنفس الحرص على الالتزام بالتعاليم الدنيوية…

مخابرات الدنيا لا تحب الخروج عن الدستور

فتجد نفسك تلتزم بالدستور والقوانين خوفا من العقوبة…
وهذا شيء منطقي …
لأن الخروج عن الدستور والقانون يؤدي إلى إحلال المجتمع بما يؤدي لفساده…
وأنت كمواطن لابد أن تلتزم بالقواعد والقوانين الموجودة في البلد الذي تعيش فيه… 

لكن أيضا على نفس المنطق … أليس من المنطق أن تراعي ذلك أيضا في تعاملك مع المخابرات الإلهية؟

فالله أمرنا ألا نخرج عن دستوره و قوانينه … 

أما سمعت الله يقول:
{( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )} [الحشر:7]

{( ومن يعص الله ورسوله و يتعد حدوده يدخله نارا … )} [النساء:14]

إذن كما أنت مواطن صالح تتبع قوانين الدنيا … كن عبدا صالحا واتبع قوانين الدين …

مخابرات الدنيا لا تحب الانضمام لجماعات إرهابية

فتجد نفسك لا تنضم إلا للمؤسسات الرسمية…
وهذا شيء منطقي… 
لأن الإنضمام للجماعات الإرهابية يؤدي إلى تشرذم المجتمع وانقسامه بطريقة غير صحية ….
وأنت كمواطن لابد لك أن تتجنب الإنضمام لمثل هذه الجماعات والأحزاب التي تؤدي لخراب البلد الذي تعيش فيه … 

لكن أيضا على نفس المنطق … أليس من المنطق أن تراعي ذلك أيضا في تعاملك مع المخابرات الإلهية؟

فالله أمرنا ألا ننضم للأحزاب الشيطانية بل أن نكون فقط تبع حزبه فقط… 

أما سمعت الله يقول {( ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون }) [المائدة:56]

{( استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله ۚ أولئك حزب الشيطان ۚ ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون )} [المجادلة:19]

إذن كما أنت مواطن صالح لا تنضم لأحزاب وجماعات إرهابية … كن عبدا صالحا ولا تتبع من أمرك الله أن تبتعد عنهم…

مخابرات الدنيا لا تحب نشر أخبار كاذبة

 فتجد نفسك لا تنقل إلا عن الجرائد و القنوات الرسمية …
وهذا شيء منطقي…
لأن نشر الأخبار الكاذبة يؤدي إلى تضليل المجتمع والرأي العام فيتم توجيهه في اتجاه خاطيء يؤذي الأفراد والمؤسسات… 
وأنت كمواطن لابد لك بالفعل أن تتجنب نشر ما تسمعه بدون التحقق منه ومن مصدره الرسمي الصحيح في البلد الذي تعيش فيه أو تنقل عنه… 

لكن أيضا على نفس المنطق … أليس من المنطق أن تراعي ذلك أيضا في تعاملك مع المخابرات الإلهية؟

فالله أمرنا ألا نكذب عليه ولا على نبيه ولا على دينه…

أما سمعت: 

{( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )} [التوبة:119]

{( ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون )} [آل عمران:78

{( ويحلفون على الكذب وهم يعلمون *  أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون )} [المجادلة:1415]

(( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار )) [البخاري]

إذن كما أنت مواطن صالح لا تنشر أخبار كاذبة… كن عبدا صالحا ولا تنشر عن الله إلا ما هو ثابت في كتابه ولا تنشر عن رسوله إلا ما هو ثابت في سنته ولا تكذب على خلق الله …

الخلاصة؛

تقارير لحظية… و يومية … و اسبوعية … وسنوية …

 تعرض على رب البرية … 

فانظر ماذا تحب أن يكون في ملفاتك الدينية … كما تنظر إلى ما تحب أن يكون في ملفاتك الدنيوية …

مصادر

مذكورة في ثنايا المقال.

الدال على الخير كفاعله:
شيخمهندس
شيخمهندس

أًنادى بـ ( شيخ ) لأني متخرج من جامعة الأزهر الشريف…

و أُنادى بـ ( مهندس ) لأني متخرج من كلية الهندسة ..

لذلك لُقِّبتُ بـ ( شيخمهندس ) .. على غرار ( باشمهندس ) ..

معروف بخواطري و مساهماتي الدعوية و التقنية على وسائل التواصل المختلفة ..

هدفي هو دعوة الناس إلى الموازنة بين الإلتزام الديني و الإلتزام الدنيوي، عن طريق لفت الإنتباه إلى أن :
المُتَدَيِّن ؛ هو البعيد عن الحرام وليس عن الحياة

المقالات: 23

ما هو تعليقك ؟