ظلمات بعضها فوق بعض .. خواطر من سورة النور1 دقيقة للقراءة

الدال على الخير كفاعله:


عندما قرأتُ الآية رقم ٤٠ من سورة النور
{( …. ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا … )}
لاحظتُ في سورة النور أنه يوجد حديث عن ظلام .. وليس حتى بالمفرد .. إنما ظلمات بالجمع …
يعني جاء لفظ النور مفردا دائما في السورة الكريمة .. و جاء لفظ الظلام دائما مجموعا وليس مفردا …

فسألتُ نفسي:
١- ما هو النور و ما هي الظلمات ؟
٢- ولماذا الإفراد في النور و الجمع في الظلمات ؟
٣- و من هذا الشخص المنغمس في كل هذا الظلام ؟
٤- و مالسبيل إلى ذلك النور ؟

أولا: ما هو النور و ماهي الظلمات ؟

أما النور فيظهر لي أنه نور الله ..
حيث يقول سبحانه وتعالى {( الله نور السموات والأرض… )}
و أما الظلمات فيظهر لي أنها ظلمات الوهم ..

حيث يقول سبحانه وتعالى {( والذين كفروا أعمالهم كسراب … )}

ثانيا: لماذا الإفراد في النور و الجمع في الظلمات ؟


لنفهم هذا الأمر .. لابد أن ننظر إلى مصدر النور و مصدر الظلمات ..

نلاحظ أن النور له مصدر واحد فقط … ألا و هو { الله } … و بما أن الله واحد أحد … لا مشاركًا في ألوهيته إله .. ولا مكافئًا لشرعه شرع .. و لا مساوٍ لسبيله سبيل ..
فلذلك جاء النور واحدا ..
لذلك يقول سبحانه وتعالى {( ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور )}

وفي سياق متصل.. لكن على الصعيد الآخر ..
نلاحظ أن الظلمات لها مصادر عدة…
لأن الوهم ليس مصدره واحد ..

فقد يكون الوهم في الشعيرة .. فيأتي الظلام منها..

فنرى شخصا صلى ..
لكن ليس كصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم التي تعلمها من الله سبحانه وتعالى …
فنجد قول رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم له : (( إرجع فصل فإنك لم تصل ..))
و ياليت هذا فقط … بل و يأتي في الأثر قول الصلاة: (ضيعك الله كما ضيعتني !!)

وعلى هذا نقيس سائر الشعائر ….
فكل شعيرة لا نفعلها على نهج الله الذي علمه لرسوله ..
سندخل بسببها في ظلام … لأننا لم نحافظ على شروط النور ..
ما بالك إذا كنا لا نفعلها أساسا ؟!!!

وقد يكون الوهم في العقيدة .. فيأتي الظلام منها ..

فنرى شخصا يؤمن بنفع وضر من الله …
لكنه يشرك في هذا الإيمان مع الله أشياء أخرى ..

فيؤمن أيضا أن النفع و الضر يأتي من النبي أو الصحابي أو الولي أو الإنسان الصالح أو الشيخ أو الملك أو الرئيس أو الوزير أو الغفير …
فنجد قول الله سبحانه وتعالى في سورة النساء الآية ٧٨….

{(… قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا)}
بل وجاء في الحديث الذي رواه مسلم … قول الله: ((.. تركتُه و شِركَه ..))

وعلى هذا نقيس سائر العقائد ..
فكل عقيدة لا نعتقدها على نهج الله الذي علمه لرسوله ..
سندخل بسببها في ظلام … لأن النور تركنا …
ما بالك إن كنا لا نعتقد أصلا ؟!!

وقد يكون الوهم في المعاملات .. فيأتي الظلام منها ..

فنرى شخصا يتكلم بالكلام الجميل ..
لكنه يضع شيئا من الكذب في كلامه …
فنرى قول رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم:

(( … فإن الكذب يهدي إلى الفجور و إن الفجور يهدي إلى النار ، ولايزال الرجل يكذب و يتحرى الكذب ؛ حتى يكتب عند الله كذابا))
بل و نجد قول الله سبحانه وتعالى في سورة غافر الآية ٢٨ ..

{( … إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب )}

وعلى هذا نقيس سائر المعاملات ..
فكل معاملة لا نتعامل بها على نهج الله الذي علمه لرسوله..
سندخل بسببها في ظلام .. لأن النور غير موجه إلينا …
ما بالك إن كنا لا نتعامل اساسا و علاقاتنا يسودها القطيعة و الخصام ؟!!!!

من هذا يظهر لنا سبب تعدد مصادر الظلام .. ولذلك جاءت بلفظ الجمع دائما …

الفهم العميق المترتب على هذا المقال

***
قبل أن نترك هذا المقال لابد لنا أن نكون إلى الآن قد فهمنا فهما عميقا قول الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة الآية ٢٥٧…. :
{( اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ …)}

فالله سبحانه و تعالى يخرجنا من ظلمات بعضها فوق بعض الى نور كامل يضئ لنا الحياة في الدنيا والآخرة.
لكن إن ابتعدنا عنه سبحانه و أثمرت فينا تربية الشيطان فإن الشيطان سيخرجنا من النور إلى ظلمات بعضها فوق بعض تجعل الحياة مظلمة في الدنيا والآخرة.

********
أما بالنسبة لبقية الأسئلة …
فقد نستعرضها سويا في الجزء الثاني من هذه السلسلة إن شاء الله تعالى

********
جزاكم الله جزاء الصابرين
و الحمد لله رب العالمين
*********
لا تتردد في نشر هذا المحتوى إن كنت تظن أنه قد يفيد من حولك ..
ولا تتردد كذلك بمتابعة صفحة الـ شيخمهندس على فيسبوك .. عن طريق الدخول إليها و الإعجاب بها…
حتى تصلك إشعارات بالمقالات المستقبلية التي قد تفيدك.
********

الدال على الخير كفاعله:
شيخمهندس
شيخمهندس

أًنادى بـ ( شيخ ) لأني متخرج من جامعة الأزهر الشريف…

و أُنادى بـ ( مهندس ) لأني متخرج من كلية الهندسة ..

لذلك لُقِّبتُ بـ ( شيخمهندس ) .. على غرار ( باشمهندس ) ..

معروف بخواطري و مساهماتي الدعوية و التقنية على وسائل التواصل المختلفة ..

هدفي هو دعوة الناس إلى الموازنة بين الإلتزام الديني و الإلتزام الدنيوي، عن طريق لفت الإنتباه إلى أن :
المُتَدَيِّن ؛ هو البعيد عن الحرام وليس عن الحياة

المقالات: 23

ما هو تعليقك ؟