حرق المصحف والإساءة للقرآن2 دقيقة للقراءة

شهدنا منذ عدة أيام قيام أحد المتطرفين بحرق المصحف وتبعه متطرف في مكان آخر بنفس الفعل! هذا الفعل المشين ليس أول مرة ولا آخر مرة … يبدو لنا جميعا أن هذا الأمر متكرر… فما هي ردة الفعل المناسبة؟
الدال على الخير كفاعله:

فيديو

صوت

ماذا حصل؟

شهدنا منذ عدة أيام قيام أحد المتطرفين بحرق المصحف وتبعه متطرف في مكان آخر بنفس الفعل!

هذا الفعل المشين ليس أول مرة ولا آخر مرة … يبدو لنا جميعا أن هذا الأمر متكرر…

فما هي ردة الفعل المناسبة؟

أولا: إدراك حقيقة الأمور

1* هذه الإساءة ليست للقرآن بحد ذاته؛ إنما هي إساءة للمسلمين…

لماذا؟ 

لأن المسلم – حتى العاصي شديد العصيان – إن أوقع مصحفا من يده بالخطأ تجده يستغفر الله…

إن هذا القرآن له تأثير ملحوظ لا يمكن تجاهله… فلو كان ليس له تأثير لما كان رمزية للمسلين يساء بها إليهم…

ما هو تأثير القرآن؟

نجد الإجابة في هذه الآية: {( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا )} [الإسراء:9]

القرآن يحث الناس على الاستقامة في كل الأمور بدون إفراط ولا تفريط…

ومثل هؤلاء لا يريدون التي هي أقوم… 

ماذا يريدون إذن؟

نجد الإجابة في هذه الآية: {( الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون )} [الأعراف:45]

وكذلك في هذه الآية: {( والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما )} [النساء:27]

هم يبغونها عوجا… هم يريدون أن يكون الطريق معوجا ومائلا… لا يحبون الاستقامة … يحبون الإلتزام بأمور و التملص من أمور أخرى…

2* في حيثيات فعلته قال: إن الإسلام أيدلوجية توسعية …

ما معنى توسعية؟

معناها أن الفكرة تنتشر و تنال قبول عند أغلب من يناقشها وتنخرط معها…

هي بهذا المعنى توسعية فعلا .. 

وكثير من الأيديولوجيات هي في الحقيقة توسعية! 

كل أنصار فكرة يحبون أن ينتشرون و يكون لهم الدعم الكامل في كل الأماكن!

فالعيب ليس أن يكون لك أغراض توسعية… طالما أن هذا التوسع بهدف نشر الخير و بالطرق الصحيحة والمناسبة.

لماذا القرآن قابل للتوسع بدرجة تخيف مثل هؤلاء؟

نجد الإجابة في هذه الآية: {( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ۙ ولا يزيد الظالمين إلا خسارا )} [الإسراء:82]

فالقرآن شفاء… شفاء للبدن والروح… كل من يقرأه وهو فعلا يريد الهداية؛ لا يخذله، يجد فيه ما يعينه على معضلات الحياة… فهو مناسب تماما للفطرة الإنسانية السليمة… 

هو الأيديولوجية الوحيدة التي تشفي العليل روحيا وبدنيا… بالتالي هو منافس شرس لهم على أماكنهم و مصالحهم الهابطة!

3* إن الإساءة للقرآن بدأت من المسلمين …

{( وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا )} [الفرقان:30]

فلما رأى غير المسلمين اجتماع ضعف المسلمين مع قوة القرآن؛ جرًَأهم ذلك إلى الإساءة لهم عن طريقه… فيحاولون إضعافه بإلحاقه بضعف المسلمين…

4* فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة…

يقول الله جل جلاله: {( إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله ۚ فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون ۗ والذين كفروا إلى جهنم يحشرون )} [الأنفال:36]

لماذا يغلبون؟

لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((ليَبْلُغن هذا الأمر ما بلغ اللَّيل والنَّهار، ولا يترك الله بيت مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلَّا أدخله اللهُ هذا الدِّين، بِعِزِّ عَزِيزٍ أو بِذُلِّ ذَليلٍ، عِزًّا يُعِزُّ الله به الإسلام، وذُلًّا يُذِلُّ الله به الكفر)) [أحمد:16957]

و جاء في الحديث القدسي: (( … وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء، تقرؤه نائما ويقظان… )) [مسلم:2865]

«وأنزلت عليك كتابا» وهو القرآن «لا يغسله الماء» أي: لا يمحوه ولا يذهب به، بل يبقى على مر العصور؛ لكونه محفوظا في الصدور، فخف على الألسنة ووعته القلوب، فلو غسلت المصاحف لما انغسل من الصدور، ولما ذهب من الوجود، ويشهد لذلك قوله تعالى: {( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )} [الحجر:9]، وقوله: {( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر )} [القمر:17]، «تقرؤه نائما ويقظان»، ومعناه: يكون محفوظا لك في حالتي النوم واليقظة، فلا تغفل عنه، وقيل: تقرؤه في يسر وسهولة.

5* كلما زادت الهجمات، كلما انتشرت البركات…

فالباطل حينما يستدعي العامة ليسيء للحق؛ ينتصر الحق ويزهق الباطل! 

أنظر إلى فرعون…

{( قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى )} [طه:59]

{( قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى )} [طه:68]

{( وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا ۖ إنما صنعوا كيد ساحر ۖ ولا يفلح الساحر حيث أتى )} [طه:69]

{( فألقي السحرة سجدا قالوا آمنا برب هارون وموسى )} [طه:70]

6* لن يساعدك أحد في الدفاع عن حقوقك طالما ليس لك قيمة ..

عدد المسلمين كبير لكن عدد الملتزمين ضعيف.

تجد ذلك جليا في عدد المسلمين في المساجد.

لأن المسجد ليس للصلاة فقط. إنما هو أيضا كمنتدى ثقافي إثرائي وتوطيد الترابط بين الأفراد. 

هذا يورث صورة تجمع متعاون… ولوبي قوي له تأثيره في المجتمع…

ثانيا: التخلق بالقرآن

1* كان خلقه القرآن…

حينما سأل الصحابة أم المؤمنين عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (كان خلقه القرآن!) [أحمد:25813

أقول أنه لابد لنا من أن نبذل جهدا أكبر في إصدار آلاف من النسخ القرآنية ليست بحبر على صفحات ورقية، ولا بأكواد على سطور برمجية، إنما بأخلاق على كيانات بشرية، تقتدي بخطى سيد البرية.

جاء في الأثر ( أن موسى قال: “إني أجد في التوراة قوما أناجيلهم في صدورهم” فقال له الله: هم أمة محمد …. ) [المصدر]

كيف نتخلق بالقرآن وكثير منا لا يفهمه ولا يحفظه ولا يعمل به!

إذن نهتم بقراءة القرآن وفهمه والعمل به وحفظه.

فكل منا في عمله هو سفير للإسلام وللقرآن…

إتقانك هو دعوة لله في حد ذاته… بينما تقصيرك وتلاعبك هو عين الإساءة للإسلام وللقرآن…

2* من هنا يأتي النصر…

( كان صلاح الدِّين يتفقَّد أحوال الجند ليلاً، فوجد خيمة بِها عددٌ من الجند يقرَؤون كتاب الله ويَقُومون الليل، فسجَّل له التاريخ هذه القَوْلة: “من هنا يأتي النصر”، ومرَّ على أُخْرى، فوجدها نائمة، فقال: “من هنا تأتي الهزيمة”. ) [المصدر]

إذا كان عدم الفعل في حد ذاته هزيمة … فما بالك لو كان الفعل معاصي!

ثالثا: فن النهي عن المنكر

1* النظر في نفسية المسيء …

مثل هؤلاء يخافون من اندفاع الناس إلى القرآن… فيعملون على الإساءة له … لكنهم بدون أن يشعروا يروجون لما يخافون منه…

الناس حاليا عندهم خواء روحي… وفي نفس الوقت يلاحظوا انتفاض الدول العربية والأزهر الشريف لمثل هذا الكتاب … فبالتأكيد سيدفع ذلك عوام الناس إلى البحث عن القرآن … ولماذا مثل هذا الكتاب يكون له مثل هذه الأهمية… فهذا موسم و فرصة نستخدمها استخداما صحيحا في صالح الدين.

2* إن ما حصل يتفق عليه العقلاء من غير المسلمين قبل المسلمين أنه منكر…

وطالما هو منكر، لابد من إنكاره… وإنكاره بوضوح…

ولا ننكر المنكر لأنه يمسنا فقط… بل إن طبع المسلم أن ينكر المنكر مهما كان في أي مكان وأي زمان… 

إذن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو شعيرة من شعائر الدين … بل هو ميزة مميزة لأمة الإسلام… 

{( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ۗ ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم ۚ منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون )} [آل عمران:110]

3* شعيرة النهي عن المنكر…

إن الْقيام بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: سبب من أسباب انتشار الخير وانحسار الشر؛ فبها تنعم المجتمعات بالخيرات، وتتنزل عليهم من الله الرحمات، وينشأ الناشئ منهم في أخلاق حميدة، وسجايا مجيدة.

وقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الشعيرة، ووجه أمته للقيام بها؛

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم)) [ابن ماجه:4004]، 

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» [مسلم:49].

4* والمنكر إذا وقع بين الناس ولم ينكروه أضر بجميعهم…

قام أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية: {( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )} [المائدة:105] ، وإنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «إن الناس إذا رأوا المنكر لا يغيرونه، أوشك أن يعمهم الله بعقابه» [ابن ماجه:4005

 وقال بلال بن سعد -رحمه الله-‏:‏ (إن المعصية إذا أخفيت لم تضر إلا صاحبها، فإذا أعلنت ولم تغير؛ أضرت بالعامة).
[الزهد والرقائق لابن المبارك:1350]

5* النهي بالحكمة …

ينبغي لمن أراد أن يقوم بهذه الشعيرة المباركة: أن يكون عالما بما يأمر به وينهى عنه، رفيقا بالناس، رحيما حليما؛ كما قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك )} [آل عمران:159]

فلنحذر من العنف لأن العامة لا يتذكرون الحدث بقدر ما يتذكروا ردة الفعل… 

فالأمر بالمعروف يكون بالمعروف والنهي عن المنكر يكون أيضا بالمعروف… فلا يجوز النهي عن المنكر بمنكر مثله أو منكر أكبر منه…

6* ليسوا سواءا…

يقول الله جل جلاله: {( … ليسوا سواءا … )} [آل عمران:113]

فمن أقدم على هذا العمل الخبيث هو فرد أو مجموعة لها دعم من أفراد أو مجموعات أخرى…

هناك عوام كثر ليس لهم ذنب ولا حتى اهتمام بمثل هذه الأمور…

فلابد لنا من أن نراعي ذلك و نحذر من التعميم المشين…

رابعا: أفكار عملية

1* رسائل مختصرة…

القيام بطباعة رسائل وكتيبات تعريفية بالقرآن والإسلام.

2* منشورات هادفة…

القيام بمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها و أشكالها لتثقيف المتابعين.

كل منا له دائرة تأثيره … أصدقاء… أقارب… أصدقاء عمل… جيران… وهكذا…

ليس مطلوبا أن تنشر للعالم كله… المطلوب من كل واحد منا أن ينشر لمن حوله…

3* حوارات ومؤتمرات مجتمعية…

القيام بندوات ولقاءات للعامة بالتنسيق مع المختصين هدفها التعريف بالقرآن والإسلام.

مصادر
الدال على الخير كفاعله:
شيخمهندس
شيخمهندس

أًنادى بـ ( شيخ ) لأني متخرج من جامعة الأزهر الشريف…

و أُنادى بـ ( مهندس ) لأني متخرج من كلية الهندسة ..

لذلك لُقِّبتُ بـ ( شيخمهندس ) .. على غرار ( باشمهندس ) ..

معروف بخواطري و مساهماتي الدعوية و التقنية على وسائل التواصل المختلفة ..

هدفي هو دعوة الناس إلى الموازنة بين الإلتزام الديني و الإلتزام الدنيوي، عن طريق لفت الإنتباه إلى أن :
المُتَدَيِّن ؛ هو البعيد عن الحرام وليس عن الحياة

المقالات: 23

ما هو تعليقك ؟