أكثر ما يدخل الناس الجنة1 دقيقة للقراءة

يتدبر الشيخمهندس في حديث (( أكثر ما يدخل الناس الجنة .. )) لنأخذ بعض الدروس العملية في معنى التقوى و معنى حسن الخلق

الدال على الخير كفاعله:

فيديو

صوت

هناك أعمال من شأنها أن تدخلنا الجنة برحمة الله. وهناك أعمال من شأنها أن تدخلنا النار بعدل الله. 

الأعمال التي من شأنها أن تدخلنا الجنة كثيرة، منها: الصوم، الصدقة ، الصلاة ، الزكاة … إلخ.

والأعمال التي من شأنها أن تدخلنا النار كثيرة، منها: ترك الصلاة، عقوق الوالدين، الزنا، الكذب… إلخ.

من هذه الأعمال أعمال مشهورة يمكن أن نطلق عليها بالمصطلح الشعبي “ترند” .

فكما نحرص نحن في هذه الأيام على متابعة الترند الدنيوي مثل فلان عمل كذا … فلان سوا كذا … 

الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين كانوا حريصين على متابعة الترند الأخروي … ترند الأعمال الصالحة التي من شأنها أن تدخلنا الجنة. وكذلك ترند الأعمال الطالحة التي من شأنها أن تدخلنا النار.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئِلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ عن أَكْثرِ ما يُدخلُ النَّاسَ الجنَّةَ. فقالَ : (( تَقوى اللَّهِ وحُسنُ الخلُقِ )) ، وسُئِلَ عن أَكْثرِ ما يُدخِلُ النَّاسَ النَّارَ ، قالَ : (( الفَمُ والفَرجُ )). [الترمذي (2004) و ابن ماجه (4246)]

في هذا المقال سنتناول ترند أعمال الجنة. وفي مقال آخر إن شاء الله سنتاول ترند أعمال النار.

تقوى الله

ما هي تقوى الله؟

تقوى الله باختصار شديد هي أن أجعل بيني وبين غضب الله حجاب.

أقل درجاتها هي أن أفعل كل ما فرض الله و أنتهي عن كل ما نهى عنه الله. بالتالي أتجنب غضبه سبحانه.

و أسمى درجاتها هي أن أفعل كل ما أستطيع فعله مما يحبه الله ولو لم يكن فرضا ، و أتجنب كل ما قد يغضب الله حتى و إن لم يكن حراما.

أمثلة للتقوى العادية:

الخمس صلوات.. هي فرض عين على كل مسلم. إذن لأقوم بتفعيل تقوى الله في قلبي؛ لابد أن ألتزم هذه الخمس صلوات.

الزنا … هو كبيرة من الكبائر التي نهى الله عنها … إذن لأقوم تفعيل تقوى الله في قلبي؛ لابد من أن أتجنب هذه المعصية.

أمثلة للتقوى في أسمى معانيها:

* السنن الرواتب وغير الرواتب قبل وبعد الصلوات المفروضة … هي نوافل من فعلها فاز بثواب ومن لم يفعلها لا يضره شئ …

لأقوم بممارسة التقوى في أسمى معانيها ؛ لابد أن يكون لي نصيبا من هذه النوافل. و كلما أزيد قدر المستطاع ؛ كلما كان خيرا وكلما كانت التقوى في قلبي أقوى و أصلب. 

* أخذ قرض من البنك … هو من الأمور التي تعتريها شبهات كثيرة … هل الفوائد التي أرجعها مع المبلغ هي تعتبر مصاريف إدارية؟  أم هي تعتبر ربا محرم حتى لو اختلف مسماها ؟

فهذا أمر فيه شبهة عظيمة.

لأقوم بممارسة التقوى في أسمى معانيها؛ لابد أن أقوم بالإبتعاد عن مثل هذا الأمر. لأنه لو كان أمرا مباحا فذلك سيؤدي لمصلحة معينة. لكن إن كان أمرا حراما؛ فذلك سيؤدي بي للوقوع في معصية الله.

إذن بكل بساطة أبتعد عن هذه المسألة بالكلية لأن دفع الضرر مقدم على جلب النفع

ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعطانا العلاج في مثل هذه المسائل حتى لا تتعطل حياتنا و حتى تكون لنا قاعدة شرعية نعتمد عليها حينما لا تتضح الصورة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، والْحَرَامَ بَيِّنٌ، وبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَنْ وقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ،… ))  [ البخاري (52) ومسلم (1599) : عن النعمان بن بشير]

من فوائد تقوى الله

1-  زيادة العلم. قال تعالى: {(  وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ )} [البقرة:282]

2- الحفظ من كيد الأعداء. قال تعالى: {( وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً )}  [آل عمران:120]

3-  البصيرة التي تجعلنا نميز بين الحق والباطل. قال تعالى: {(  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ )} [الأنفال:29]

4-  دخول الجنة. قال تعالى: {(  إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ  )}  [الحجر(45) ، الذاريات (15) ]

5- النجاة من النار. قال تعالى: {(  ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً )} [مريم:72]

6- يصلح الله بها الأعمال و يغفر الله بها الذنوب. قال تعالى: {( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً )}  [الأحزاب:70، 71]

7-  يجعل الله لنا مخرجا من الشدائد ويزيد رزقنا. قال تعالى: {( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ .. )}  [الطلاق:2، 3]

8-  زيادة الأجر في جميع العبادات. قال تعالى: {(  وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً )} [الطلاق:5]

حسن الخلق

ما هو حسن الخلق؟

حسن الخلق هو بسط الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى.

فبسط الوجه هو لإظهار حسن النية. فعن عبد الله بن الحارث بن حزم – رضي الله عنه –  أنه قال: ” ما رأيت أحدا أكثر تبسّما من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ” [رواه الترمذي: 3641].

وبذل المعروف هو التسبب بحصول الخير للغير.

أما كف الأذى هو الحرص على عدم التسبب في حصول أي نوع من أنواع الأذى النفسي أو المادي.

أمثلة لحسن الخلق العادي

أقل درجات حسن الخلق هو كف الأذى.

فإن كان ثقيل علينا أن نبذل المعروف. فعلى الأقل نحرص على عدم التسبب في أذى الغير سواء كان أذى بدني أو أذى معنوي.

مثال: أنا أعلم أن هذا الأمر سيجعل فلانا حزينا. إذن لا أفعله.

أنا أعلم أن عدم فعل ذلك الأمر سيضر فلانا. إن لابد أن أفعله. 

فهذا هو أقل المطلوب. لأن الإنسان قد يقوم بجميع الأعمال الصالحة لكن بسبب أذاه للناس يذهب ثواب هذه الأعمال إلى هؤلاء الناس. 

فتجد الإنسان لا يعطي أكرم الناس الى قلبه ولو حسنة واحدة. لكنه رغما عنه سيعطي من يبغضهم حسنات كثيرة بسبب إيذائه لهم.

أمثلة لحسن الخلق في أسمى معانيه

أسمى درجات حسن الخلق هو بذل المعروف. 

وهو أي نوع من أنواع العطاء للغير.

 سواء كان عطاءً ماديا مثل الصدقة، والمساعدة، والنصح.

 أو عطاءً معنويا مثل التبسم، و لين الجانب، و نشر البهجة و السرور على قلوب المحيطين.

من فوائد حسن الخلق

1- الالتزام بأمر الله.

 قال الله سبحانه وتعالى: {( … وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا … )} [البقرة: 83]

 

2- الفلاح.

 قال الله سبحانه وتعالى:  {( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون)} [الحج:77]

 

3- الإقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.

يقول الله سبحانه وتعالى: {( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ )} [القلم:4]

 

4- الحفاظ على الحسنات.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( أَتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ؟ قالوا: المُفْلِسُ فِينا مَن لا دِرْهَمَ له ولا مَتاعَ، فقالَ: إنَّ المُفْلِسَ مِن أُمَّتي يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاةٍ، وصِيامٍ، وزَكاةٍ، ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْضَى ما عليه أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ فَطُرِحَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ. )) [مسلم : 2581]

 

5- الفوز بحب الله، و كسب أفضل الأعمال، و التمتع بستر الله، وملء القلب بالرجاء

عن ابن عمر أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله ونصف الأعمال أحب إلى الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( أحب الناس إلى الله عز وجل أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً( في مسجد المدينة) ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غضبه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له ثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام))
[رواه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج، وحسّن الألباني إسناده في السلسلة الصحيحة ح906

 

6- حسن المآل

عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه))
[ابن ماجه ح237، وابن أبي عاصم في السنة، وحسنه الألباني بطرقه ، السلسلة الصحيحة ح1322]

 

7- الوقاية من سوء الخاتمة، و الحماية من غضب الله، و زيادة العمر، و تقلد شرف أن يكون الإنسان من أهل المعروف في الدنيا و الآخرة. 

عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: (( صَنائعُ المعروفِ تَقِي مَصارعَ السُّوءِ، والصَّدَقةُ خَفِيًّا تُطفئُ غضبَ الرَّبِّ، وصِلةُ الرَّحِمِ زيادةٌ في العُمُرِ، وكلُّ معروفٍ صدَقةٌ، وأهلُ المعروفِ في الدُّنيا هُمْ أهلُ المعروفِ في الآخِرةِ، وأهلُ المُنكَرِ في الدُّنيا هُمْ أهلُ المُنكَرِ في الآخِرةِ…)) [الطبراني في المعجم الأوسط: 6086]

 

8- الفوز بثواب الصدقة.

عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (( الْإِيمَانُ بِاللهِ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ)) قَالَ: قُلْتُ: أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (( أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَكْثَرُهَا ثَمَنًا)) قَالَ: قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: ((تُعِينُ صَانِعًا أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ)) قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ؟ قَالَ: (( تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِك )) [مسلم : 84]

 

9- تقلد قلادة الخيرية.

عن أبي ذر – رضي الله عنه – ولمَّا سُئل النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم -: “أيُّ المسلمين خيرٌ؟” قال: ((مَن سلم المسلمون من لسانه ويده) [مسلم : 41]

الخلاصة؛

تقوى الله وحسن الخلق ترند الأعمال التي من شأنها أن تدخلنا الجنة برحمة الله سبحانه وتعالى. 

يقول الله سبحانه وتعالى: {( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )} [التوبة: 119]

**وجزاكم الله خيرا**

الدال على الخير كفاعله:
شيخمهندس
شيخمهندس

أًنادى بـ ( شيخ ) لأني متخرج من جامعة الأزهر الشريف…

و أُنادى بـ ( مهندس ) لأني متخرج من كلية الهندسة ..

لذلك لُقِّبتُ بـ ( شيخمهندس ) .. على غرار ( باشمهندس ) ..

معروف بخواطري و مساهماتي الدعوية و التقنية على وسائل التواصل المختلفة ..

هدفي هو دعوة الناس إلى الموازنة بين الإلتزام الديني و الإلتزام الدنيوي، عن طريق لفت الإنتباه إلى أن :
المُتَدَيِّن ؛ هو البعيد عن الحرام وليس عن الحياة

المقالات: 23

ما هو تعليقك ؟